ويب 3.0 أو ويب3 هي مرحلة التطور التالية للإنترنت والتي تستفيد من تقنيات مثل البلوك تشين وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي والويب الدلالية لتصبح نسخة أكثر ذكاءً وأكثر لامركزية مما هي عليه حالياً.
ويب 3.0: مستقبل إنترنت نملكها جميعنا!
لقد غير ظهور الإنترنت حياتنا إلى الأبد؛ سواء نحو الأفضل أو الأسوأ وذلك اعتماداً على كيفية وقوفك على المفهوم بأكمله. لكن الإنترنت نفسها تمر بمرحلة تطور وتتحول إلى نسخة أكثر ذكاءً وأكثر لامركزية مما هي عليه حالياً. لقد تمت صياغة مصطلح ويب 3.0 لأول مرة من قبل جيفن وود Gavin Wood المؤسس المشارك لإحدى أهم الشبكات اللامركزية في العالم وهي شبكة إيثريوم Ethereum لوصف هذا الجيل الجديد من الإنترنت. لذا دعنا نتعمق في المفهوم نفسه ونحاول فهم سبب كل هذه الضجة حوله.
تطور الإنترنت
ظهرت الأشكال الأولى للإنترنت عندما لم تكن أجهزة الكمبيوتر الشخصية موجودة ولم تكن إلا الوكالات العسكرية والشركات الكبرى وبعض الجامعات من بين المستفيدين من الإنترنت. وفي التسعينيات غزت أجهزة الكمبيوتر الشخصية السوق وجلبت معها الجيل الأول من الإنترنت الذي نسميه ويب 1.0.
كانت ويب 1.0 في الأساس نسخة رقمية من الصحف! حيث كان عدد قليل فقط من الأشخاص هم من ينتجون المحتوى وكان معظم الأفراد في الطرف المتلقي لدفق المعلومات. فالمنصات مثل يوتيوب لم تكن موجودة ومحركات البحث مثل نتسكيب Netscape كانت في مرحلة الطفل الصغير من حيث الذكاء.
ومع ذلك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت الأمور تتغير، وأصبح المستخدمون أكثر قدرة على إنتاج المحتوى والتفاعل مع صفحات الويب عندما استحوذت المنصات الجديدة ذات التطبيقات المختلفة على الإنترنت. وقد أُطلق على هذا العصر الجديد من الإنترنت اسم ويب 2.0 وهو النموذج الذي نعيش فيه حالياً مع وسائل التواصل الاجتماعي مثل ميتا Meta وإنستغرام Instagram وتيكتوك Tiktok ومنصات الفيديو العملاقة مثل يوتيوب YouTube ومحركات البحث الذكية مثل جوجل Google. وأحدثت تقنيات مثل جافا سكريبت اللامتزامنة Asynchronous JavaScript وXML أوأجاكس Ajax ثورة في الإنترنت من خلال جعل الجانب التفاعلي للويب أكثر فاعلية. لكن عصر ويب 2.0 في طريقه إلى الزوال، حيث أدى ظهور تقنيات مثل شبكة بلوك تشين blockchain إلى تغيير مسار تطور الويب نحو تجارب لا مركزية عالية التفاعل، ويبدو أن الانتقال الأساسي لا مفر منه.
ما هي ويب 3.0؟
ويب 3.0 أو ويب3 هي الانتقال التالي للإنترنت التي نعرفها اليوم. وهي مبنية على بعض أفكار وتقنيات رئيسية تشمل اللامركزية والبلوك تشين وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي والويب الدلالية. لكن مع ويب3 ستكون تجربة الإنترنت على مستوى شخصي أكثر بفضل تقنيات مثل المساعدين الأذكياء والذكاء الاصطناعي AI.
الأفكار الرئيسية التي تكمن وراء ويب 3.0
اللامركزية وسلاسل البلوك تشين
بدلاً من سيطرة سلطات مركزية على التطبيقات والخدمات والمنصات وتشغيلها لها فإنه يمكن للجميع أن يصبحوا أعضاءً فاعلين ومساهمين في عصر الويب الجديد. هناك بالفعل عملات مشفرة لامركزية مكرَّسة لوظائف محددة في ويب3 مثل ثيتا Theta المكرَّسة بشكل خاص لخدمات البث ومشاركة الفيديوهات أو هيليوم Helium التي هي البلوك تشين المتخصصة من أجل مفهوم إنترنت الأشياء أو IoT.
تعد التطبيقات اللامركزية أو DAPPS المدعومة بتقنية بلوك تشين والعقود الذكية مظهراً آخر متوقعاً من ويب3 يحل محل المفهوم القديم لتطبيقات الكمبيوتر المركزية.
إنترنت الأشياء (IoT)
تكمن الفكرة وراء إنترنت الأشياء IoT في أنه إذا كانت الأغراض قادرة على التفاعل مع بعضها وإنتاج البيانات وإظهارها ومشاركتها في الزمن الحقيقي فلن تصبح أكثر كفاءةً في المهام المُسندة لها فحسب بل يمكن أن تنمو تطبيقاتها إلى ما هو أبعد من الخيال. فعلى سبيل المثال يمكن لمنزلك الذكي أن يصغي إلى شكوى جدتك العجوز العاجزة بشأن الألم الحاصل في معدتها ومن ثم إما أن يقدم اقتراحات أو حتى يتخذ قرارات بشأن ذلك الألم إذا لزم الأمر أو أن يشارك هذه المعلومات مع طبيبها ويحصل على إجابات سريعة قد تنقذ حياتها من خلال توفير دقائق ثمينة. قد يُرجع إنترنت الأشياء IoT الكثير من الفضل لتقنية بلوك تشين نظراً لأن بعض المفاهيم الضرورية لإنترنت الأشياء المدمجة بالفعل في بنية بلوك تشين مثل بروتوكولات التجزئة المصممة على أن تكون آمنة وفائقة السرعة يمكن أن تلعب أدواراً حيوية عندما يتعلق الأمر بتخزين معلومات حساسة وتبادلها عن أغراض موجودة في منزلك أو سيارتك. ويب3 هي الوسط الأكثر تفضيلاً لإنترنت الأشياء IoT بالمقارنة مع ويب2 لأن ويب2 ليست مجهزة على نحو ملائم للتعامل مع مثل هذه التطبيقات.
الذكاء الاصطناعي
إن الحجم والتعقيد الهائلين للبيانات التي سيتم تبادلها ضمن ويب 3 يتطلبان أجهزة كمبيوتر وبرامج أكثر ذكاءً بكثير حتى تتمكن من معالجة وفهم البيانات التي تستقبلها وحتى تتمكن أيضاً من التعلم منها لإجراء المعايرات والتصحيحات وعمليات التحسين الأمثلية فيما يخص قراراتها المستقبلية. فعلى سبيل المثال إن أجهزة الكمبيوتر الذكية المزودة بالذكاء الاصطناعي AI والتي يمكنها التعلم من بيئتها ومن التدفق المستمر لمعلومات الإدخال ربما تعثر على إجابات صحيحة لمسائل علمية وصناعية وطبية بشكل أسرع بكثير من البشر أو حتى من أجهزة الكمبيوتر التقليدية
الويب الدلالية
رغم أنها قد تبدو جنوناً أو ضرباً من الخيال العلمي فإن ويب3 تهدف إلى فهم العواطف البشرية والشعور بها باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبحسب بيرنرز لي أب الشبكة العنكبوتية العالمية فإن الويب الدلالية تساعد الكمبيوترات في تحليل بيانات من الويب وتفسير المعاني والعواطف الكامنة خلف التفاعلات البشرية! وبهذه الطريقة تصبح تجربة الويب أكثر واقعيةً وأكثر عمقاً وتكون لدى الكمبيوترات فرصة أفضل لفهم احتياجاتنا وأفكارنا وعواطفنا.
السلبيات المحتملة لويب 3.0
اللامركزية هي سيف ذو حدين، فهي تجعل الوصول إلى المعلومات أمراً أكثر سهولة لكنها تجعل من طريقة تنظيمها ومراقبتها أمراً أكثر صعوبةً. إن تقنية بلوك تشين تجعل تتبُّع المستخدمين من قبل السلطات المركزية أمراً شبه مستحيل، وهذا خبر غير سار في مواقف حرجة مثل الجرائم والهجمات التي تؤثر على الأمن القومي. لكن بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يوفر لمنظمي ويب3 إمكانية كشف التهديدات والاستجابة لها بسرعة ودقة أكبر.
الخلاصة
لقد أحدث الإنترنت ثورة في حياتنا وتفاعلاتنا وحتى في تصورنا للواقع. لكن الإنترنت بحد ذاتها تخوض الآن مرحلةً أخرى من تطوير ذاتها، فهي تتطور إلى نسخةٍ أكثر ذكاءً وأكثر لامركزيةً مع فهمٍ عميقٍ للمشاعر البشرية، وقد تم إعطاؤها اسم ويب 3.0 من قبل جيفن وود الشريك المؤسس لشبكة إيثريوم.
إن تقنيات مثل بوك تشين والعملات المشفرة تحوِّلها أكثر إلى تجربة حرة للجميع يحظى فيها كل شخص بفرصة المشاركة في المحتوى والاستمتاع به بالإضافة لتمكُّنه من أن يصبح بنفسه منشئ محتوى دون الحاجة إلى مراكز بيانات كبيرة لجمع البيانات والمعلومات وتوزيعها. إلا أن الطبيعة اللامركزية لويب 3.0 تحتاج إلى مزيد من التأكيد على التقنيات التي يمكن أن تحدَّ من المدى الذي يستفيد فيه مجرمو الإنترنت من هذا الجانب اللامركزي من ويب3.